Overblog
Editer la page Suivre ce blog Administration + Créer mon blog

أنت الزائر رقم

/ / /

عاد موضوع الخطارات باعتبارها مصدرا للخصب والحياة وشاهدا على ذاكرة الماء، مجددا ليفرض نفسه بقوة على جدول أعمال الاجتماع الأول للمجلس الإداري لوكالة الحوض المائي لكير زيز غريس الذي احتضنته مدينة الرشيدية.

ويعود الاهتمام الواضح بهذه التقنية العبقرية للتحكم في الموارد المائية الجوفية وتعبئتها إلى كون عدد كبير من الخطارات أصبحت مهددة بالاندثار بعد نضوب العديد منها بالرغم من أن هذه التقنية أثبتت على مر الزمن فعاليتها وقدرتها على تأمين أسباب الوجود والاستمرارية لنمط من العيش في الواحات ، ما انفك يقاوم زحف التصحر وما يستتبعه من تدهور بيئي غير مسبوق.

ذلك أن الخطارات وبفضل معدل الصبيب الذي تضخه في الورشة المائية الذي يقدره الاخصاصيون بحوالي 260 لتر في الثانية أي مايوازي 8 متر مكعب سنويا، أبانت عن فعالية نادرة في تتمين وعقلنة استغلال الموارد المائية في وسط يشكو أصلا من شحها بفعل ضغط التحولات المستمرة والمتكررة.

فاختفاء خطارة واحدة يشكل خسارة لهذا الثرات الإنساني ويرهن أيضا مصير جزء مهم من الاستغلال الفلاحي ويؤثر سلبا في المنظومة التربوية مادام أن الحفاظ على الظروف الطبيعية والبيئية بهذا الوسط يتوقف على صمود الخطارة أصلا.

كما أن اختلاف الخطارات يولد بالضرورة انعكاسات اقتصادية واجتماعية على الساكنة التي تضطر تحت وطأة الفقر إلى مغادرة مجالها الجغرافي والاجتماعي وهو ما يزيد الأمر تعقيدا لكون حالة التردي التي ألت إليها الخطارات ليس مردها فقط لزحف التصحر وإنما أيضا لغياب الصيانة.

فإذا صح أن بناء الخطارات لا يستدعي في حج ذاته مصاريف كبيرة فإن أشغال الصيانة الدائمة لاسيما منها تطهير المجاري من الرمال يستوجب عناية خاصة بل أن عددا من الخبراء غالبا مايدعون إلى العناية الدائمة والمستمرة بالخطارة كما لوكانت صبيا بحيث أن أشغال الصيانة تستلزم الصبر والنفس الطويل لاسيما منها تلك المرتبطة بتطهير المجاري من الرمال وتصويب مستويات الانحدار والميلان وبناء البالوعات وتمديد الآبار,

ويخضع نظام توزيع المياه التي تحملها الخطارات لقانون عرفي يسمى "حق الماء" الذي يحدد حصص كل مستفيد بحجم ما بذل من جهد وأدى من أشغال خلال مرحلة بناء الخطارة، علما بأن عملية التوزيع تنقسم إلى حصص متساوية تسمى "فردية" وتوازي كل واحدة منها 12 ساعة من الحق في الري.

وبالمقابل يكون إصلاح الخطارة عملية بالغة الصعوبة وتتطلب جهدا كبيرا لكونها تطرح مشاكل عدة يقارنها الخبراء بما قد تستلزمه من جهد وعناء عملية ترميم أثر تاريخي، هذا علة افتراض وجود يد عاملة مؤهلة وما يكفي من الموارد المالية اللازمة,

غير أن انخفاض مداخيل صغار الفلاحين بمنطقة تافيلالت الذي افرزه تراجع منسوب الفرشات المائية غالبا مايدفع بهم إلى الهجرة نحو المراكز الحضرية مما يزج بهم في حلقة مفرغة بات من الضروري كسرها حتى لا تستمر في إنتاج الفقر وإعادة إنتاجه.

ومن المؤمل أن تكون هذه الغاية من ضمن الأهداف المتوخاة من الوكالة الوطنية لتنمية مناطق الواحات التي احدتت مؤخرا في أفق تصحيح هذا النوع من الاختلالات السوسيو اقتصادية بمنطقة تافيلالت,

ولا غرابة فالخطارة فضلا عن طابعها الاقتصادي تفترض وجود محيط اجتماعي وطبيعي يرتبط بمنظومة من الأعراف والقيم تستند إلى دينامية جماعية ينخرط بموجبها جميع ذوي الحقوق في سيرورة واحدة لا تختلف كثيرا في معناها ولا في مبناها عن المقاربة التشاركية التي غذت حاليا عنوان المرحلة.

ووفق نفس الرؤية يصبح تدبير المجال الاجتماعي أمرا لايتعارض البتة مع النمو الديموغرافي ويتماشى في تناغم  ذكي و المعطى البيئي بما يضمن للأنشطة المنجزة أسباب الاستمرارية والبقاء

                                                       جمال كريمي بنشقرون
Partager cette page
Repost0